معك حق بس

كم مرة كنا عم نناقش قضية منآمن فيها وسمعنا جملة (معك حق)، وقبل ما نحس انو الآخر فهم فكرتنا صح منسمع كلمة (بس)!
وبعد كلمة بس بتجي جملة بتهاجمنا بشخصنا، وبتنتقدنا نحنا، بدل ما تتوجه للفكرة، ومنكتشف انو استخدام (معك حق) بيشبه دس السم في العسل.

معك حق بس حملة موجهة للأشخاص القادرين على خوض نقاش بس..!

حكينا بكل أسبوع عن جملة كتار منا سمعوها، أحياناً بيظن قائلها انو عم يدعم، وأحياناً بيكون قائلها قاصد الإحباط.
حملة لنقول انو الحق ما فيه بس، الـ(بس) بتلغي ما قبلها.

“بس أنا رجال”، “بس أنا زلمة”، جمل بيستخدموها الذكور الذكوريين عادة ليبررو ازدواجية المعايير بالمجتمع، والتصرفات يلي بتكون مسموحة للرجال لأن ما “بيعيبهن شي” بس بالمقابل قد تكلف المرأة حياتها، أو حريتها.
لهيك أي وأنا امرأة شو يعني!
الفروقات الجسدية، والبيولوجية ما بتعطي أي شخص الأفضلية على الآخرين، ولما يكون معي حق ما بيلغيه كونك ذكر، وكوني أنثى.
الحق حق أياً كان جنس صاحبه.
كل مرة منحكي فيها عن حقوق المرأة في صوت بيقول “معك حق بس هلق في قضايا أهم” وبيكون رأيو انو زواج القاصرات، التحرش، الاغتصاب، قتل النساء، حرمانهن من الحرية، والتعليم قضايا ثانوية بظل الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية الراهنة.
هاد الطرح غير حقيقي، لأنو النساء جزء من المجتمع، عايشين الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية نفسها ومحملين فوق كل هاد عبء كونهن نساء، فقط نساء!
قضايا النساء أولوية..
بكل حالة جديدة من حالات العنف الأسري يلي منعرف فيها في صوت بيقلنا “معك حق بس البيوت أسرار”، أي عم نعمم، أي بكل حالة!
في أشخاص مقتنعين انو ضرب الزوجة، ضرب الأطفال، تعنيف المراهقين/ات هي مشاكل عائلية ما بيجوز تطلع للعلن، ويتدخل فيها أحد، وبأحوال كتيرة بتتفاقم المشكلة، ويلي كان كف عالوجه ممكن يصير سكينة عالرقبة.
ذريعة هالأشخاص حماية الأسر من التفكك، علماً انو العنف قد يكون من أكتر مسببات التفكك الأسري، والهرب من أسرة مفروض تكون السند والداعم.
العنف مو سر عائلي، العنف قضية بتعنينا كلنا.
لليوم في أشخاص بيستخدموا جملة “معك حق بس المرة آخرتها لبيت جوزها” لينهوا نقاش حق الفتيات بالتعليم، هالجملة يلي بتحدد نمط واحد للحياة، وبتلغي الخيارات الأخرى.
باليوم الدولي لمحو الأمية منقلك “مش انت بتحدد وين آخرتها”، من حق كل شخص يتعلم ويقرر كيف بيكفي حياتو.
“ما بتعرفي هي شو عاملة” جملة بتبرر للقاتل جريمتو، بيكفي تبرير لجرائم قتل النساء، بيكفي لوم للضحية!
بكل مرة صبية بتواجه فيها فعل مهين لجسدها، إن كان اعتداء، تحرش، أو أذى في صوت بيقلا (معك حق بس انت شفتي حالك شو لابسة؟) بمحاولة لتبرير فعل المعتدي، وإلقاء اللوم على الصبية.
اللباس حرية شخصية، وما بيبرر لأي شخص تجاوز حدودو مع الآخرين.
الحق على المعتدي، فقط على المعتدي.
بكل مرة صبية بتناقش فكرة تتعلق بحقوق النساء، وحمايتهن، في صوت بيقلا (معك حق بس طريقتك عدائية) وبيتحول النقاش من الفكرة لطريقة طرح الفكرة، بيكون الهدف تشتيت المتحدثة، وفرض أسلوب معين بالحديث، متل لازم تكوني أروق، لازم صوتك يكون أوطى، وكتير من اللازم، مع انو هي الجمل بالغالب ما بتتوجه للرجال أثناء النقاش، ما حدا بيقول للرجال لازم تكون أروق!
لهيك هي الجملة محبطة، وغير مساعدة حتى لو بلشت بـ(معك حق).
لو بتركزوا ع الحديث، لو بتركزوا عالفكرة.
لما تُنتهك خصوصية حدا، وتنتشر صور خاصة الو، وغالباً لما يكون هالحدا صبية ونتضامن معها منسمع صوت عم يقول “معك حق بس هي ليش تتصور هيك صور خاصة”، ومتل كتير مشاكل منترك المجرم ومنلاحق الضحية.
كلنا عنا صور خاصة، منخبيها بموبايلاتنا، أو منشاركها مع أشخاص محددين، وما منرغب أبداً بمشاركتها مع كل الناس.
كلنا معرضين لخطر التهكير، التهديد، والابتزاز.
لهيك اللوم لازم يكون معروف لمين يتوجه، خصوصاً انو انتهاك الخصوصية جريمة بيعاقب عليها القانون.
انت قلت.. خاصة!
بكل مرة صبية بتناقش قضية، فكرة، أو حق من حقوق النساء في بعض الأصوات يلي بتقلا (معك حق بس هو المجتمع هيك)، وبتلحق الجملة بـ(مين نحنا لنغير المجتمع)، أحياناً بيكون القصد الإحباط، وأحياناً بيكون السبب اليأس، ولكن أياً كان السبب أو الهدف هي الأصوات بتنسى شي مهم، مهم كتير: (نحنا المجتمع).
والتغيير بيبلش من كل فرد، بحياتو، محيطو، ودائرتو الاجتماعية.
بكل مرة بتكون النساء عم تحكي عن قضايا بتخصها متل العنف، القتل، التحرش، الاغتصاب، والتمييز بتكون موجودة بعض الأصوات لتخبرها انو هي كتير منفعلة، وانو خلص تروق شوي، بتكون موجودة لتخبرها توطي صوتها ما في داعي لكل هي الجلبة ع الموضوع!
يومياً في حالات قتل، وتعنيف ضد نساء بالعالم العربي، يومياً!
وبتسألوا النساء ليه غاضبات، ليه مستفزات، ليه عم يصرخوا، وكأن هاد الشي مو من حقهن وكأن من حق أي حدا يدافع عن أي قضية بيؤمن فيها، وحقو ينفعل عليها لكن النساء لا، لازم يبقوا هادئات وعم يبتسموا طول الوقت!
خلص بلكي المرة الجاية ونحنا عم نحكي عن قتل امرأة جديدة بكرا، أو بعدو بالكتير منكون عم نبتسم، رايقات، وصوتنا واطي.
لما صبية تنزل بوست عم تستنجد فيه من عنف عم تتعرضلو، وتطلب المساعدة، وبعد شوي بيختفي البوست، وبتقول الصبية انها منيحة وبتحط أعذار للبوست ما منقدر نغض البصر عن طلبها المساعدة.
في صوت بيقلنا “معك حق بس هي قالت انها منيحة”، هاد الصوت يبدو ما سمع بالتهديد من قبل، ما سمع بالنساء يلي انقتلو بعد استنجادهن لما كانوا عم يتعرضوا للعنف، ما سمع بوسائل الترهيب يلي بتخلي صبية تحذف البوست وتقول انها منيحة وهي بأسوأ حالاتها.
نحن سمعنا.. لهيك مندعم ومنتعاطف مع كل صبية سواء قالت انها منيحة بإرادتها.. أو غير إرادة.
بكتير مرات منكون فيها سعداء لوصول امرأة لمنصب ما، ونجاحها بمجال معين بيكون في ذكوريين غير راضيين، وبيرموا جملة متل “معك حق بس بتعرفي شو عملت لوصلت لمنصبها؟”، مع استغلال الغموض يلي بيلف الجملة لاتهام المرأة الناجحة بقيامها بأعمال لا أخلاقية.
قليلة كتير المرات يلي سمعنا فيها حدا عم يسأل “بتعرف فلان شو عمل لوصل لمنصبه”، قليلة كتير المرات يلي تم فيها اتهام الرجال الناجحين.
خلينا نسأل “وانت شو عملت!”.. خلينا نعرف انت كمان كيف بتوصل للنجاح!
بكتير مرات منحكي عن مشكلة من مشاكل مجتمعاتنا، منطرح رأي، أو فكرة في صوت بيسخر من محاولاتنا، بيجرب يحبطنا، بيقلنا “معك حق بس ما رح تغيري الكوكب”، هالصوت بيتجاهل كون التغيير بيبلش من خطوة، بيبلش منّا، وبيبلش فيه.. فعلى الأقل خلينا بكل مرة نسمع هالجملة نبلش التغيير من صاحبها، “خلينا نبلش فيك”.
بكل قضية تحرش، بكل مرة في ادعاء على شخص مؤذي، بكل مرة في قضية رأي عام، في حدا بيقول للمرأة اللي بتتقدم لتحكي وتدلي بشهادة بالموضوع، إنو بلا ما تدخلي بهالقصة، بلا ما تشهدي، لأنو كل امرأة بتحكي على العلن وبتواجه متحرش أو معتدي، بتتعرض لموجة واسعة من اللوم المعكوس باتجاهها، والمهاجمة والتشكيك والطعن بكلامها، لهيك صارت المرأة تخاف تطلع وتحكي الحقيقة، بس إذا ضلينا ساكتين رح يضلوا المتحرشين يتمادوا، ورح يضيع الحق والحقيقة.