كتاب علينا جميعاً أن نصبح نسويين

أما نصيحته لي فهي أنه يجب ألا أصف نفسي بأني نسوية مطلقاً، وذلك لأن النسويات عرف عنهن أنهن لسن سعيدات، وأنهن نسويات لأنهن لم ينجحن في الحصول على أزواج في المقام الأول.

أوكولوما كان شخصاً يمكنني الضحك معه، والجدال معه، والحديث معه بصدق. وهو أول من نعتني بالنسويّة.
تقريباً في الرابعة عشرة من عمري، كنّا معاً في منزله نتجادل بعدائية، ولم تبلغ معرفتنا التي اكتسبناها من الكتب التي قرأناها آنذاك النضج الكافي، لا أذكر موضوع ذلك الجدال بالضبط، لكني أذكر أني جادلته مراراً وتكراراً، فنظر إلي وقال “أنت تعلمين أنك نسوية”.
لم يكن ما قاله إطراءً، استطعت تمييز ذلك من نبرة صوته، التي كانت تشبه نبرة شخص قد يقول لي “أنت تدعمين الإرهاب”.
لم أكن أعلم حينها معنى كلمة “نسوية” ولم أكن أريد أن أبين لأوكولوما أني لا أعرف معنى ذلك كله، لذلك تجاهلت كل ما قاله وأزحته جانباً وتابعت الجدال. وأول شيء خططت لفعله بعد عودتي للمنزل هو البحث عن تلك الكلمة في القاموس.
لننتقل الآن بشكل سريع إلى بعد ذلك بعدة أعوام، خلال العام 2003 كتبت رواية بعنوان “زهرة الكركديه الأرجوانية” تحكي قصة رجل يحصل فيها الكثير من الأحداث، من بين تلك الأحداث أنه يعتدي على زوجته بالضرب، ولا تنتهي قصته بشكل جيد أبداً. عندما كنت أروج لروايتي تلك في نيجيريا، قال لي صحفي بدا لي مهذباً وحسن النية أنه يود أن يوجه لي نصيحة، أخبرني أن الناس يصفون روايتي بأنها نسوية، أما نصيحته لي فهي أنه يجب ألا أصف نفسي بأني نسوية مطلقاً، وذلك لأن النسويات عرف عنهن أنهن لسن سعيدات، وأنهن نسويات لأنهن لم ينجحن في الحصول على أزواج في المقام الأول.
ثم جاءت امرأة أكاديمية نيجيرية وقالت لي إن النسوية ليست من تقاليدنا في شيء، فهي أمر لا ينتمي إلى إفريقيا، وترى أني أصف نفسي بالنسوية فقط لأني تأثرت بالكتب الغربية..
على العموم بما أن النسوية أمر لا ينتمي لإفريقيا، قررت تسمية نفسي بالنسوية الإفريقية السعيدة!
ثم جاءتني صديقة عزيزة قالت لي أن وصفي لنفسي بالنسوية يعني أني أكره الرجال، لذا قررت أن أًصبح النسوية الإفريقية السعيدة التي لا تكره الرجال، وفي بعض الأحيان أسمي نفسي النسوية الإفريقية السعيدة التي لا تكره الرجال وتضع ملمع الشفاه وترتدي الكعب العالي لإرضاء نفسها.
بالتأكيد كنت أنظر إلى ذلك على أنه نوع من المزاح، لكن اتضح لي بالفعل أن كلمة نسوية ثقيلة جداً، وذات حمولة ومعان ثقيلة.
أنت تكرهين الرجال، أنت تكرهين حمالات الصدر، أنت تكرهين التقاليد الإفريقية، وتعتقدين أن المرأة يجب أن تكون دائماً هي المسؤولة، أنت لا تضعين مساحيق التجميل، أنت لا تحلقين، أنت دائماً غاضبة، ولا تحملين حس الدعابة، ولا تستخدمين مزيلاً لرائحة العرق!

من كتاب: “علينا جميعاً أن نصبح نسويين” للكاتبة النيجيرية “تشيماماندا نغوزي أديتشي”.
ويتحدث عن مفهوم النسوية في القرن الحادي والعشرين، كيف يمكن فهمها وتعريفها، تستحضر المؤلّفة تجاربها الشخصيّة وفهمها العميق للحقائق ومعنى أن تكون المرأة نسوية في هذا العصر.

معظم الوظائف ذات السلطة والنفوذ يستحوذ عليها الرجال.
الناشطة الكينية وانجاري ماثاي الحاصلة على جائزة نوبل للسلام وصفت ذلك بطريقة جيدة عندما قالت: “كلما ارتفعت للأعلى ستقل عدد النساء اللواتي ستجدهن هناك”، في انتخابات الولايات المتحدة الأميركية الأخيرة، تكرر على مسامعنا مسمى قانون ليدبيتر، وإذا ما أمعنا النظر في أبعد من ذلك الاسم اللطيف للقانون، فإن ذلك كله هو حول هذه القضية: يعمل الرجل والمرأة في الوظيفة نفسها ويحملان المؤهلات نفسها، بينما يحصل الرجل على راتب أعلى لأنه رجل فقط.
إذاً حرفياً الرجال يحكمون العالم، كان هذا أمراً بديهياً قبل آلاف السنين، بحكم أن البشر عاشوا في الماضي في عالم كانت القوة الجسدية فيه أهم سمة من سمات البقاء، لكننا نعيش اليوم في عالم اختلف كثيراً، والشخص ذو الكفاءات الأفضل هو من يتولى القيادة، وليس الأقوى جسدياً، بل الأكثر ذكاءً، والأكثر معرفة، والأكثر إبداعاً، والأكثر قدرة على الابتكار، ولا يوجد هرمون لكل تلك السمات، لا يختلف الرجل والمرأة في أنهما ذكيان، مبتكران، مبدعان.
أجل لقد تطورنا، لكن أفكارنا حول الجنوسة لم تتطور كثيراً.