الأدب النسوي

لطالما كان الأدب الذي يحمل قضية ما إشكالياً

حديثاً ظهر هذا المصطلح في الأدب وهناك إشكاليات كثيرة حوله، بداية من التشكيك في حقيقة وجود هذا النوع من الأدب، وإلى الخلاف حول تسميته الأدب النسوي أم النسائي، والفرق بين المعنيين أن الأدب النسوي هو الأدب الحامل لقضايا المرأة ويعبر عن واقعها أياً كان كاتبه، بينما الأدب النسائي هو الأدب الذي تكتبه النساء بغض النظر عن مضمونه، ويعتبر أنه يحمل مزايا محددة تشير إلى كون الكاتب امرأة.

لطالما كان الأدب الذي يحمل قضية ما إشكالياً، فالسؤال هنا هو هل يصح أن ينفرد الأدب بقضية واحدة ويحصر الأديب نفسه في دائرة واحدة، وأليس هذا تقويضاً لمفهوم الإبداع بحد ذاته؟ وأيضاً لمفهوم حرية الفن؟

في المراحل التاريخية الحديثة التي انطلقت فيها الحركات التحررية والحركة النسوية واحدة منها، بدأت المرأة ترمم ما فاتها من المشاركة في الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية، وفي مجالات الكتابة الأدبية اي السرد والشعر والمسرح والسينما وغيرها، بدأت المرأة تسجل حضورها وتراكم نتاجات فنية يعتبر أن لها سمات ومزايا جوهرية “أنثوية” توحد هذه النتاجات بشكل جنساني محدد، وما تزال الأبحاث والأطروحات والمحاضرات تكتب لنقاش هذه المسألة والبحث في هذه المزايا والتحقق من وجودها، بينما على المقلب الآخر يرى الكثير من النقاد أن الأدب النسائي فشل في تكوين هوية واحدة قادرة على قيادته نحو تشكيل أدب نسوي حامل لقضايا تحرر المرأة وإنصافها.

مثلما هناك أدب تم اعتباره موجه حصرياً لانتقاد أنظمة سياسية معينة، أو أدب يعبر عن تيارات حزبية أو سياسية، أدب مناهض للعنصرية وأدب مناهض للاحتلال وغيرها، هناك أدب يتم تصنيفه اليوم على أنه أدب نسوي، يوافق بعض الأدباء على ذلك ويرفض بعضهم هذه التسمية، لكن المؤكد أن هناك الكثير من المؤلفات الأدبية المسخرة لسرد قصص وحكايا حول الظلم الواقع على النساء، حول حقوقهن الضائعة وممارسات المجتمع التمييزية والأبوية نحوهن، وطبعاً كلما كان الأدب أكثر احترافاً وغنى، أكثر جمالاً، أكثر قيمة فنية، كان أكثر قدرة على إيصال رسالته. إذا وافقنا على تحميل الفن رسالة.

لسنا بصدد الإجابة عن الأسئلة التي طرحناها، لكننا نأمل أن الفن إن لم يكن صريحاً ومباشراً في مواجهة واقع النساء، على الأقل أن لا يكون عدواً، وأن يكون مسار تحرر النساء مضمناً وبديهياً في اي سياق أدبي، أن يتشرب الأدب قضايا الحريات فيعبر عنها بالطرق الإبداعية كافة، ويكون دافعاً للسير نحو إيجاد الحلول.